الاثنين، 20 ديسمبر 2010

شورت ستوري

بين رشفات الفودكا و أنفاس الروثمانز..دقات مفاتيح لاب توب. هل جربت أن تكتب في ظلام لا يبدده سوي ضوء الشاشة الكريستالية المسطحة؟

حازم يدور في الشقة بسرواله التحتي..ولا أدري لماذا لم يعد هذا يضايقني..ليس بعد الان. 
سيجارتي تنتهي لأشعل واحدة جديدة..دقات مفاتيح اللاب توب..حازم يقول ان "القذرة" التي أعمل عليها ستضرب جدران الوسط الأدبي كقذيفة مدفع ثقيل. 
"تفو "
"الله يقرف أهلك..ايه الوساخة دي يا بني آدم انتا؟"
أحياناً أشعر ان حازم هو خنزير آدمـي..أنا المعدة الحساسة التي لم تعد كذلك..ليس بعد الان. 
"عايـز فشار؟"
السرير المنخفض حتي يلامس الأرض..ظلام، و ضوء شاشة كريستالية أخري. 
"عايـز هوت شوكلت؟"
أحياناً يشعرني حازم انه يعرف شقتي أكثر مني. 
"لازم تنقل الكنبة دي..دخل التليفزيون أوضه النوم..مفيش ولا بوستر ع الحيطة؟..انتا عايش ازاي كدة؟"
جرس الهاتف..تباً!
"آلــو"
حازم يتوقف امام منضدة الرسم الهندسي و يشير إلي ملوحاً في استغراب..
"ميـن معايا؟"
ألوح له بعصبيـه..أنا المهندس الذي باع شرف كونه كذلك..ليس بعد الان. 

رجلين شبه عاريين في السرير يشاهدان حلقات المسلسل الأمريكي..برغم ان هذا الوضع له دلالات أخري لا أحب التفكير فيها..الا ان حازم لم يبد لي مهتماً. 
أنا لا أحب نظرتك إلي !
أنت فعلاً وغد حقير، و ابن كلب. 

يرشف حازم الشوكولاته الساخنة في السرير، و يقول ان الفكرة كلها هي ان تكون نفسك..لو كنت تفعل شيئاً واحداً ليس له صدي داخلك، فأنت مجرد وغد متظاهر مزيف أخر. 
"مع حضرتك يا فندم  محمد السيد من شركـة تي ايه داتا..حضرتك احنا بنحدث بيانات العملا بتوعنا..تسمح لي اخد من وقت حضرتك دقيقتين؟"
لماذا لم يسجلوا الجمل علي آله لترددها..مادام الموظف البشري سيتحدث بهذه الآلـية الرتيبة المستفزة؟
جرس المحمول يرن..
"ممكن تديني رقم بيتك يا محمد؟"
حازم يرفع المحمول في وجهي، و يهمس : "دكتور رءوف"
بتردد : "لية يا فندم؟"
أشير لحازم بالنفي، لكنه يقول و هو يفتح الخط : "أنــا هرد!"
"أصلي مش فاضي دلوقتي يا محمد، لما أفضي هكلمك بنفسي في البيت."
"انا اسف يا فندم..بس مش هينفع"
"متهيألي مبتحبش حد يكلمك في البيت بعد الشغل. مش كدة؟"
"مظبوط يا فندم"
"يبقي انتا كدة فهمت احساسي دلوقتي"

عندمـا قابلت حازم للمـرة الأولي، سألني كم عمرك. و ما هي الأشياء التي تحبها. و ماذا تعمل. و كم ساعة تعمل في اليوم.
صدقني..أنا أفهم الوجوه جيداً..و حازم لم يبد سعيداً جداً بالإجابات التي حصل عليها مني. 
انت يا صديقي..شخص تعس. 
يالك من بائس. 

في فترة ما ضقت ذرعاً بحازم..إلي أين تأخذني؟
ثم -تدريجياً - استسلمت له

"أنــا قلقانة من تغير ميولك الجنسية"
"ايــــه؟"
قلتها ثم انفجرت ضاحكاً..

قابل مادلين..صديقتي الحميمة. 
"حلــوة؟"
يسألني حازم بلا مبالاة، منهمكاً في رسم شيئاً ما بسرعة فوق رزمة من الأوراق البيضاء..

"كويسة"
"مكمل معاها ليـة؟"
..

"هقابله امتي"
"مين؟"
"صاحبك...
اللي واخدك مني..
انتا صاحبته امتي؟..مقلتليش عليه خالص؟"

"براحتك ..أي وقت"

جرس المحمول..
حازم يمسك التليفون، و ينظر لي مطلقاً سبة بذيئة..

"بقالك قد ايه مخرجتش من الشقة؟"
"يعني.."
"و بتعمل ايـه كل ده؟"

لقطة بانورامية..
"حاجات...

كتير.."
"و الشغل؟"
"الحلقة بدأت"
حازم من غرفة النوم..
"هكلمك بالليل"
و اقفل السماعة قبل سماع الإجابة..ليس عليك ان تقلق بشأن هذا بعد الان. 

أفضل وقت للكتابة بعد منتصف الليل..
أتري..لا شئ يفوق أفورة الأفكار، و تناسق الكلمات الناتج بعد ساعة الذئب. تجلس شاعراً بأنك برام ستوكر أو شرايدن لوفانو لتكتب عن أسوأ مخاوفك وكوابيسك.
بعد ساعة ونصف تبتسم منتشياً معتقداً انك أنهيت واجب اليوم. لكن حازم.
"كتبت كام صفحة؟"
"6"
"لازم تكتب 20" 

فتعود صاغراً..

أنا أكره حازم الذي يجعلني أكتب بالعافية.

فيقول و هو يتحسس أوتار جيتاري الأبيض، بدون الألتزام ستصير صايع أخر. إذا أردت فعلاً أن تكون رئيس نفسك، فيجب ان تكون أسوأ رئيس ممكن. 


يقرأ أوراقي بأهتمام..شبح ابتسامة. 
"قلتلك..السافلة دي هتحطك علي رف أعلي المبيعات"

فخري عظيم. 
"كمل..لسة كتير"

"ايه رأيك في حاجة كلاسيك قديمة النهاردة؟.. الهروب الكبير؟"
"هاهاها..يخربيت دماغك..موافق"
نهضنا و نظرت بإعجاب إلي الصالة..



فشيار، و شوكولاتة ساخنة..و ظلام
إخراج : جون ستورجز

بطولة : ستيف مكوين..
جيمس جارنر..

جرس الباب !

"مين المقرف ابن المقرفة دة؟"
"خليك انتا..هقوم أقطعلك وشه أربع تربع زي الفطيرة، و أجيلك"

و نهضت غاضباً..

من وراء الباب : "انتا معندكش دم والله حازم..اتصلت بيك ميت مرة..و انتا عارف المعاد، و منبه عليك..و برضة مفيش فايدة..مختفي و مابتردش علي حد..ولا كأن المكتب هو اللي بيأكلك عيش..مفيش حد بيعمل كدة ف لقمة عيشة يا ابني..انتا ناسي انك بتشتغل عندي؟"
"انا مبشتغلش عند حد يا حيوان يا ابن الحيوان"
ليس بعد الان.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق