قرأت مؤخراً الرواية الجميلة (الرجل الخفي) لهربرت ج.ويلز، ترجمة أحمد خالد توفيق..ليس لدي الكثير مما يقال..أنا أعرف أن د.أحمد خالد مترجم ممتاز ويلتزم قد الإمكان بأسلوب المؤلف الأصلي، ولكن الترجمة نفسها عملية تُفقد 40% علي الأقل من روح الرواية الأصلية.
غير أن الرواية جذبت انتباهي في عدة مواضع..الرواية كُتبت عام 1897 وهذا تاريخ قديم قديم قديم!..كم أحسد ويلز علي أرض الأفكار الخالية التي سبح فيها، فأنتقي وأبدع..وكانت أمامه الفرصة كاملة في التفكير والتخيل والإبداع، وسط عالم برئ، خال لم يدنسه قلم أو عقل قبله.
القصة جيدة جداً..ومختلفة تماماً عن فيلم Hollow man لكيفن باكون المستوحي منها..وبالعكس فالرواية كشفت أن الفيلم أحمق تماماً وغير مستند علي أساس علمي..فرجل ويلز الخفي ليس بطلاً خارقاً وإنما هو كياناً هشاً ضعيفاً..يجب أن يظل بلا ثياب طوال الوقت حتي يظل مختفياً..كذلك عندما يأكل فأن الطعام الساخن يظهر في معدته، لأن جسده فقط هو الخفي، وليست الطاقة التي يختزنها جسده من الطعام.
نقطة أخري هي الغضب والكراهية التي تعج بها الرواية ناحية الجهلاء والأغبياء من العامة، الذين لم يتقبلوا القواعد العلمية ونبذوا الرجل الخفي كأنه مذءوب، فظل يعيش طريداً كل حلمه أن يجد طعاماً ومكاناً للنوم بأمان دون مضايقة.
أستطيع هنا تفهم دوافع الرجل الخفي الذي قرر إعلان حرباً علي البشر الجهلاء..وقرر أن يعيشهم في رعب ليذوقوا الرعب والضيق الذي يعيش فيه هو الأخر بسبب حالته..وبرغم أن وجوده اللامرئي في حد ذاته يمثل انتصاراً علمياً كبيراً له كعالم فيزياء شهير، إلا انه لا يقدر ان يتمتع بأي من هذه المزايا أو الأنتصارات بوضعه الحالي الذي يجعل الناس لا تنصت له وتحاول اقتناصه كلما سنحت الفرصة كأنهم وضعوا حكمهم عليه بأنه مجرم قبل حتي ان يفهموا موقفه.
نعم..لقد أشفقت علي الرجل الخفي..وألهمتني قصته كثيراً..إن الرجل الخفي ليس قصة بوليسية، وليس قصة وحش أو بطل خارق..وإنما هي قصة حرب العلم ضد الجهل والغباء والتعصب.
رواية ممتازة أنصحكم بقراءتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق