الجمعة، 18 نوفمبر 2011

المرأة التي تَخُصه


متعته كانت تكمن في تخيل مذاق أحضان الغرباء من النساء. و هي متعة تُماهي هواية التأمل القديمة التي لازمته، و التي لم يحتج هذا الفعل لسواها، مع بعض من الفطنة و دقة الملاحظة و التحليل، و قليل من الفيتيش.
المفاضلة كانت دوماً بين قياسات عرض الصدر، و حجم الثديين، و امتلاء الذراعين، و ربما نوع الملابس أو ألوانها. هكذا كان الغرق يبدو مثالياً و مثيراً للخبال بين مئات من أحضان العابرات التي لم يذقها و إن انتوي، و منعته تقاليد الحضارة.
و لكن كان للأمر مذاق مختلف معها، فهي المرأة التي تخصه، و لايبدو الحديث عن صدرها أو ثدييها أو ذراعيها مُدراً للإنتعاظ الصافي البارد، دون لمحة ضرورية و مختلفة من الدفء و الأصالة و الإستسلام. الإستسلام هنا للمصير المحتوم، المرتبط حتماً بالتخلي عن أحلام ذات طابع صبياني، و مَجد غير مضمون. لا شئ مضمون سوي ذراعيها. هما حقيقيتان، دافئتان، و هما تحبانه، و تحرصان عليه بالقدر الذي يكفي لدفعه لشراء نفسه بالبقاء بينهما آمناً مطمئناً.
الغرض منها في البداية كان مدفوعاً بشهوة الإحتضان و التقبيل، لكن فكرة "شراء نفسه"-علي أنانيتها- عبرته وهو يُضيّق ذراعيه علي جانبي إبطيها الرقيقين. الرجل بحاجه إليها، تلك المرأة الدائمة، المرأة المخلصة، الدافئة، الحقيقية، المتضادة مع الطريق المجنون، و المتسقة مع الطريق الآمن. قلب ينبض من وراء ثدي يضغطه إلي صدره و يشعر بإكتماله، واعداً بجنس طويل مشوب بالحب و التفهّم.
إلا انه، مُثقلاً بفشل الآخرين، يخبرها بحروف متآكلة أن علاقتهما منتهية، عالماً أنه يختار بذلك، مواجهة نظراتها و اتهاماتها له بالإنتهازية و الخيانة، و تحمل الإرتجافات المتباعدة لقلب ليبرالي واسع يموج أحياناً بالحنين الجالب للدمع الصادق في فوضي الحياة، و إرهاق رص الكلمات.   

هناك تعليق واحد: