في يوم عيد الحب، وفي بيت السحيمي بشارع المعز في قلب القاهرة جرت فعاليات افتتاح مهرجان القاهرة الأدبي الأول بجلسة حوارية جمعت أورهان باموك مع ابراهيم عبد المجيد، وأدارت المحاورة الدكتورة شيرين أبو النجا. وسط حضور غفير وسطوع فلاش الكاميرات دارت محاورة تقليدية حول المدن (اسطنبول و الاسكندرية) والتاريخ والزمن والذكريات واللغة والترجمة، وحضورهم في كتابة الرواية، ودارت مقارنة بين متحف البراءة و جودت بك ومذكرات اسطنبول لباموك وبين بيت الياسمين والضفة الأخري وثلاثية الاسكندرية لأبراهيم عبد المجيد.
استمرت المحاورة ساعة ونصف تقريباً ولم يكن هناك فقرة للأسئلة في النهاية.
بعد الحوار هرول منظموا الحفل بالسيد باموك إلي غرفة خلفية انتظاراً لكي تفرغ القاعة من الحضور. وبعد ربع ساعة خرجوا به إلي شارع المعز. كان قد ارتدي معطفاً قصيراً محبوكاً فوق سترته، و كوفية بيضاء حول عنقه. كان طويلاً ونحيلاً جداً، ويسير مسرعاً علي أطراف أقدامه وهو يميل للأمام، ويتصرف كشخصية معروفة اعتاد محاوطة الصحفيين له في كل مكان. تقاطر خلفه عدد من المعجبين للحصول علي توقيعه أو للتصوير، فكان لطيفاً معهم ولكن متعجلاً.
هرولت خلفه رفيقته الشقراء لتلحق به، كان لا ينظر لشئ حوله. من سوء الحظ ان السيارات كانت تدخل إلي شارع المعز في هذه الفترة، فكانت فوضي خفيفة من سيارات النقل والعربات اليدوية فوق أرضية الشارع الحجرية المنمقة، ولكنه لم يكن يتصرف كسائح وربما شاهد الآثار الإسلامية في وقت أخر من اليوم. كان يتكلم مع مرافقيه وكان يريد شيئاً ما. وفجأة توقف ودخل مقهي شعبية وسأل علي قهوة. كان يريدها في كوب بلاستيكي ليأخذها معه فلم يفهمه رجل المقهي. كان المصريون يجلسون علي الناحية الأخري من الرصيف يدخنون الشيشة، ويبتسمون لمشاهدة باموك الأجنبي طويل القامة ذو الملابس الفاخرة الذي دخل إلي مقهاهم. سارع مرافقوه المصريين بالتدخل للترجمة لرجل القهوة ولكن باموك لم ينتظر، وسارع بالهرولة مع رفيقته. ولكن أحد الشبان المصريين طلب من رجل القهوة أن يكمل الطلب ودفع ثمنها وانتظر حتي صبها الرجل في كوب بلاسيتيكي فحملها وهرع بها عبر الشارع إلي باموك، الذي كان قد وصل في هرولته إلي ساحة مسجد الحاكم في الشمال. التفت باموك علي صوت الشاب: مستر أورهان. مستر أورهان. وسارع بملاقاته في الطريق لتناول الكوب منه شاكراً. قال شكراً مرة واحدة وابتسم، ولم يسأل عن الحساب.
احتضن باموك الكوب وسارع بشرب عدة جرعات. كانوا قد وصلوا إلي بوابة الفتوح، حيث كانت تنتظره سيارة دبلوماسية فاخرة بسائق مصري. كانت الدكتورة شيرين أبو النجا هناك ووقف الطاقم المصري حول السيارة ينسق الأمور، ولكن باموك مرة أخري لا ينتظر ولا يضيع لحظه واحدة فدخل من فوره إلي المقعد الخلفي للسيارة التي سرعان ما خرجت من البوابة إلي زحام القاهرة، وأورهان في الخلف لا يزال يشرب قهوته المصرية لا ينظر من النافذة وقد تُرجمت كلماته إلي 62 لغة بالرغم من انه قال من قبل انه يتكلم تركية سيئة وكادت تركيا نفسها أن تسجنه ذات مرة فياله من شخص عظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق