الجمعة، 31 أغسطس 2012

حادث غامض، تدريبات علي الشخصية.

"حادث غامض."
أحمد مجدي شوقي

مذعور؟!.. كلا، لم يكن سوني مذعوراً وهو يتحضر لمقابلة محقق الشرطة، بل كان أقرب إلي التوتر المكتوم والسيطرة علي الأعصاب، بعكسي أنا الذي كنت قد بللت سروالي –بتعبير مجازي- عندما أطُلق علينا النار منذ ساعات.
جلس سوني أمام المحقق رابط الجأش، يخفي توتره بتدخين سيجارة. سأله المحقق هل له أعداء؟! ومن يمكن أن يعادي سوني؟، إنه بصراحة شخص لطيف، وكريم جداً مع أصدقائه، لا يمكنني تخيل هذا الحادث في صورة أخري غير الصدفة.
بالأمس، عندما كنا نتحضر في غرفة الإعداد بالكواليس قبل الخروج علي المسرح، قلت لسوني ضاحكاً ونحن ندخن الحشيش:-"ربما يمكنك أن تطلق النار علي الجمهور كنوع من التجديد كما فعل مارلين مانسون من قبل."
كنت أنا من عَرّفته علي مارلين مانسون، أقوم بهذه المهام التثقيفية من آن لآخر عندما أكون في مزاج تشاركي رائق. أطلقت ذلك التعليق منتشياً بجو الغرفة و الإعداد للحفل، ولم أكن أتصور أن لعنة مانسون ستحل بنا ونتعرض لإطلاق نار بعد ساعات قليلة فحسب من انتهاء الحفل.
عندما طلب المحقق من سوني أن يصف له بالضبط ما حدث بالأمس، راح يصف له بكلمات قوية مليئة بالانفعال وغير موجزة؛ كان حفلاً رائعاً، الجمهور كان في حالة انتشاء مسبقة، ولم يكن بحاجه للكثير من المجهود لدفعه إلي حالات غير مسبوقة من الطاقة و الخرق. خرجنا من الحفل في سيارتين، كنتُ في سيارة يقودها أحمد ومعي فتاتين، وفي السيارة الثانية أمير سيف ومعه فريقه. توقفنا أمام الفندق الذي يقيم به أمير، ونزلنا من السيارات، ولم نكد نقترب من مدخل الفندق حتي دوي صوت الرصاصة الأولي بعنف شديد وتحطمت البوابة الزجاجية للفندق أمامنا. الرصاصة الثانية والثالثة جاءتا بعد ذلك لتجعلنا جميعاً نلقي بأنفسنا ملاصقين لسطح الأرض.أخذ منا الأمر عدة ثوان لندرك أن أحدي الرصاصات الثلاث لم تستقر في جسد أي منا، وفي الثانية التالية لمحنا جانب خفي من مطلق النار وهو يفر هارباً.
آه، كنت أتمني أن أحصل أنا علي الفرصة لرواية القصة. كانت تحتاج أن تصل إلي المحقق بشكل أكثر تنظيماً ووعياً. كنت لأصف له الحالة شديدة الخرق التي كان عليها الجمهور قبل خروج سوني إلي المسرح، وقد كان من الواضح أن أغلبهم كانوا يدخنون المخدرات بكثافة، ولا يكترثون كثيراً للراب. هذا من حسن حظ سوني في الكثير من الأحوال، فلا أحد ينتبه لمدي فظاعة صوته. كنت لأؤكد علي الأسلحة التي كانت بحوزتهم من مدي وزجاجات وشماريخ. كنت سأرسم مشهد إطلاق النار بشكل أوضح، مشبهاً إياه بنفس المشهد تقريباً الذي أدي لمصرع جون لينون في الثمانينات، وكنت سأضيف أن سوني كان هو المقصود بالحادث لأن أمير ورفاقه كانوا قد عبروا البوابة بالفعل، وسوني كان في منتصف الطريق إليها عندما أطلق المعتدي الرصاصة الأولي.
في بهو الفندق، بين يدي رجال الأمن والمتجمعين، وفي وسط التوتر الشديد حينها أخبرت سوني للمرة الأولي مشدوهاً أن هذا بالضبط هو ما حدث مع جون لينون، فقال متسائلاً بلا حضور:-"جون لينون من؟!" لكنني لم أرد عليه غاضباً من غبائه، وكررت بلاوعي عدة مرات وأمام ناس كثيرون أن هذا بالضبط هو ماحدث مع جون لينون.
سأل المحقق عن أمير سيف، وعن رفاقه، وعن الفتاتين اللتين كانتا معنا في السيارة، وعلي الفور تداعي إلي ذهني الموقف أول أمس عندما كنا نجلس بالمقهي الشهير في وسط البلد، وجاءت تلك الفتاة متفجرة الجمال من اللامكان، عبرت من أمامي بليونة مقتربة من سوني وسلمت عليه، وسألته بحبور أليس هو المغني الذي يغني مع أمير سيف؟! قام سوني ليسلم عليها وأجابها بنعم انه هو. أخبرته كم تحب أمير سيف وتتمني لو أنه فقط يمنحها رقم تليفونه. عضضت شفتيّ في غيظ وضحكت. أخرج سوني تليفونه ولكنه كان مغلقاً، نفذت البطارية، هكذا قدم لها ما هو أفضل،أخبرها أنه سيكون معه علي المسرح اليوم، بالصدفة البحتة، وأنها يمكنها أن تأتي كمدعوة خاصة لتراه وجهاً لوجه وهو يؤدي بجوار أمير سيف.   
الأحمق! لم يعرف أنها كانت تستغله طوال الوقت لتصل إلي أمير سيف. أو أنه كان يعرف ولم يمانع، فقط كان يقضي وقتاً ممتعاً؟
لو كان الأمر يعود إلي، لما مانعت إطلاقاً في أي دقيقة ممتعة تأتي بأي طريقة كانت، مع كل هؤلاء الفتيات الجميلات اللاتي يأتين من اللامكان، واللاتي يحطن به لانه فقط يمسك بالميكروفون، وإن لم يفقه شيئاً في الموسيقي. وماذا فعلت أنا ببعض العقل؟ أولم ينتهي بي الأمر إلي التلصق به للحصول علي الفتات، أولم يصل بي التدني إلي قبول استمرار رفضه لغناء ما أكتبه حتي الآن من أجل الحفاظ علي ما أحصل عليه منه أو عن طريقه؟ لقد تلقي أكثر من خمسين مكالمة علي هاتفه بعد الحادث معظمها من فتيات تطمئن كلها عليه، بينما لم أتلق أنا سوي ثلاث مكالمات؛ من والديّ، وفتاة متوسطة الجمال والمواهب كنت علي علاقة قديمة بها، والثالثة كان الرقم خطأ.
بينما كنا ننتظر في حجرتنا في الفندق كما طلب مننا محقق الشرطة، كنا نحاول التغلب علي توتر الأعصاب وقتل الوقت بتدخين الحشيش والأستماع للموسيقي وإجراء المكالمات الهاتفية، وكان العديد من أصدقاء سوني و أمير سيف يمرون بنا للسؤال و الإطمئنان، وكان سوني يستقبلهم جاهم الوجه متصنعاً للخطورة، وكانت الفتيات تقبلن وجنتيه تعاطفاً معه، وأحتضنته واحدة منهن وهي تبكي تأثراً.
تشاغلتُ بأختيار تراكات الموسيقي علي جهاز الهاي فاي، وإدارة صفحتنا علي الأنترنت. كان الخبر منتشراً، والكثير من التعليقات بأنتظار الرد عليها لتوضيح الأمور. وكان هناك عدد كبير من الأعضاء يريد الحضور لزيارة سوني في منزله بالحي الراقي، ابتسمت ساخراً، لا يمكن أن نسمح بهذا، فلا يمكن أن يروا "الحي الراقي" المزعوم ويكتشفوا أنه محض الحي الشعبي الملاصق له، وإنما نتمسح به لإكمال الصورة الجميلة. الفارق كبير جداً بين سوني و أمير سيف، الفارق بين الأصل والصورة الباهتة، فارق قوة الأصالة و هشاشة أساسات الحداثة. حتي الفارق بيني وبين سوني كبير، أم أنه غير محسوب؟! أنا مثلاً خريج الجامعة الحكومية العريقة التي ينسب سوني نفسه إليها بدون أدلة، ولكني هاأنا بتعليمي الحسن آتي في المرتبة التالية في الأهتمام وهو الذي لم يكمل حتي شهادته المتوسطة.
أتصل بنا محقق الشرطة في الحادية عشرة مساءاً. قال أنه بالبحث تبين وجود عاشق متيم بالفتاة التي جاءت وسلمت علي سوني في وسط البلد ثم خرجت معنا بعد الحفل، و مسجل له سابقة اعتداء بسلاح ناري. انفعل سوني وسبّ الدين للرجل الغائب، حالفاً بالقبض  علي رقبته وتحطيم وجهه باللكمات. لكن المحقق أضاف أن الرجل المشتبه به لديه حجة غياب لابأس بها، فقد كان حاضراً طوال مساء أمس لحفل زفاف بالمنطقة الشعبية التي يقيم بها، وهناك ضابط شرطة ضمن الشهود الحاضرين بالحفل أمّنْ علي أقواله. وأن الموضوع لازال قيد التحقق و مطابقة أقوال الشهود.
ارتفعت حدة التوتر، حتي ان تقليل درجة حرارة تكييف الغرفة لم تفلح في خفضها. وبقينا هكذا معلقين بين إجابات غير مؤكدة لحادث غامض.

(كتبت خصيصاً كجزء من برنامج ورشة "إيهاب عبد الحميد" للكتابة الإبداعية) 
مايو2012 
15/5/2012

السبت، 18 أغسطس 2012

"لم لا ترقصان؟"قصة قصيرة، ريموند كارفر


"لم لا ترقصان؟"
ريموند كارفر
ت:أحمد مجدي

في المطبخ، صب كأساً اخر ونظر إلي مكونات حجرة النوم في ساحة منزله الأمامية. كانت المرتبة مفرودة و الملاءات المخططة مبسوطة بجوار وسادتين علي الخزانة. عدا ذلك، بدت الأشياء مشابهة كثيراً لما تبدو عليه عادة في حجرة النوم- منضدة و لمبة  قراءة في الناحية الخاصة به من السرير، منضدة ولمبة قراءة في الناحية الخاصة بها.
ناحيته، و ناحيتها.
فكر بذلك بينما هو يرتشف الويسكي.
الخزانة علي بعد خطوات قليلة من السرير. لقد قام بإفراغ الأدراج في صناديق كرتونية هذا الصباح، و الصناديق نفسها كانت في غرفة المعيشة. المدفأة كانت بجوار الخزانة. مقعد قطني و وسادة مزخرفة ;كانا اسفل السرير. احتلت منضدة المطبخ الألومنيوم المطلية جزءاً من طريق السيارة. ملابس قطنية غطت المنضدة و تدلت من جوانبها. اصيص من السرخس كان علي المنضدة، وعلي بعد أقدام قليلة منها أريكة و مقعد و لمبة إضاءة كبيرة. المكتب كان ملاصقاً لباب الجراج. وكانت هناك بعض أواني المطبخ مصفوفة فوقه، بجوار ساعة حائط و لوحتين مؤطرتين. أيضاً كان هناك صندوق في طريق السيارة يحوي أكواباً زجاجية، وأطباق، ملفوفين بورق جرائد. هذا الصباح قام بأفراع الدولاب، وعدا الصناديق الثلاثة في حجرة المعيشة، فأن كل الأغراض كانت خارج المنزل الآن.
كان قد مد سلكاً كهربياً من الداخل وقام بتوصيل كل الأجهزة، وكل شئ يعمل الآن. لا فارق عما كانت عليه بالداخل.
بين الحين و الآخر تُبطئ سيارة ويحدق الناس. ولكن لا احد توقف. فكر انه لم يكن ليتوقف هو الآخر.
"لاريب انها ساحة بيع." قالت الفتاة للفتي.
كانت هذه الفتاة وهذا الفتي يفرشان شقة صغيرة.
قالت الفتاة : "لنر ماذا يريدان في مقابل السرير."
قال الفتي : "و التلفاز أيضاً."
أدخل الفتي السيارة إلي طريق المنزل وأوقفها مباشرة أمام منضدة المطبخ.
خرج الفتي من السيارة و بدأ بفحص الأشياء، الفتاة تفحص الملابس، الفتي يوصل الخلاط ويضغط زر الفرم، الفتاة تمسك طبقاً، الفتي يشعل التلفاز ويغير بعض الإعدادات.
جلس علي الأريكة ليتفرج. أشعل سيجارة، نظر حوله، ألقي بالرماد علي العشب.
جلست الفتاة علي السرير. خلعت حذائها ورقدت. فكرت أن بإمكانها أن تري نجماً.
قالت : "تعال إلي هنا يا جاك. جرب هذا السرير. احضر واحدة من هذه الوسادات"
قال: "كيف هو؟"
قالت: "تعال و جرب."
نظر حوله. كان المنزل مظلماً.
قال: "هذا غريب. من الأفضل أن نري ان كان أحداً هنا."
تقلبت علي السرير قائلة : "جربه أولاً."
رقد بجوارها علي السرير ووضع الوسادة أسفل رأسه.
سألته: "كيف تشعر؟"
قال: "متين."
تقلبت علي جانبها ووضعت يدها علي وجهه.
"قبّلني."
"لننهض."
"قبّلني."
أغمضت عينيها وحضنته.
"سأري ان كان أحداً بالمنزل."
ولكنه اعتدل جالساً فقط في مكانه وبقي حيث هو، محاولاً الإيحاء بأنه يشاهد التلفاز.
عادت الإضاءة إلي المنازل كلها عبر الشارع.
قالت الفتاة: "ألا يكون مضحكاً لو أن.." ضحكت ولم تكمل.
ضحك الفتي، وبدون سبب، بدون سبب، أشعل لمبة القراءة.
أبعدت الفتاة بعوضة، بينما نهض الفتي وعدل قميصه داخل سرواله.
قال: "سأري ان كان أحداً بالمنزل الآن. لا أظن أن هناك أحد. ولكن لو كان، فسأري ما يمكننا الحصول عليه."
قالت: "أياً كان ما يطلبونه اعرض عشر دولارات أقل. هذه دائماً فكرة جيدة."
وأضافت: "وربما كانوا بائسين أو شئ ما."
قال: "انه تلفاز جيد جداً بصراحة."
"اسألهم كم يريدون."
جاء الرجل عبر الرصيف يحمل كيساً من السوق. كان لديه شطائر، بيرة، و ويسكي. رأي السيارة في طريق المنزل و الفتاة علي السرير. و رأي التلفاز يعمل و الفتي علي مدخل المنزل.
"هالو. لقد وجدت السرير. هذا لطيف." قال الرجل للفتاة.
قالت الفتاة: "هالو. كنت أجربه." وربتت علي السرير مضيفة: "انه سرير جيد للغاية."
"نعم انه جيد." قال الرجل، ثم وضع الكيس أرضاً و أخرج البيرة و الويسكي.
قال الفتي: "ظننا انه لا أحد هنا. نحن مهتمون بالسرير، وربما بالتلفاز. وربما أيضاً بالمكتب. كم تريد في مقابل السرير؟"
"كنت أفكر خمسون دولاراً للسرير."
سألت الفتاة: "هل تأخذ أربعون؟"
قال الرجل: "سأخذ أربعون." وأخرج كوباً من الصندوق، وأزال ورقة الجريدة عنها. ثم فتح الغالق عن زجاجة الويسكي.
قال الفتي: "ماذا عن التلفاز؟"
"خمسة وعشرون."
قالت الفتاة: "هل تأخذ خمسة عشرة؟"
قال الرجل: "خمسة عشرة لا بأس. أستطيع ان أخذ خمسة عشرة."
نظرت الفتاة إلي الفتي.
قال الرجل: "هل تريدون شراباً يا أولاد. الأكواب في هذا الصندوق. سوف أجلس، سوف أجلس علي الأريكة."
جلس الرجل علي الأريكة و سند بظهره إلي الخلف، ونظر إلي الفتي و الفتاة.
استخرج الفتي كوبين و صب الويسكي.
"هذا يكفي" قالت الفتاة و أضافت: "أعتقد انني أريد بعض الماء في كأسي."
جذبت مقعداً وجلست عند منضدة المطبخ.
قال الرجل: "هناك مياه في هذا الخزان هناك. افتحه"
عاد الفتي بالويسكي المخفف بالماء. سعل وجلس إلي منضدة المطبخ. ضحك، ولكنه لم يشرب شيئاً من كأسه.
حدق الرجل بالتلفاز. أنهي كأسه و بدأ آخر. مد يده يشعل اللمبة الكبيرة. هنا سقطت السيجارة من يده ووقعت بين الوسائد.
نهضت الفتاة لتساعده علي إيجادها.
قال الفتي للفتاة: "إذن ما الذي تريدينه؟"  وأخرج دفتر شيكاته ممسكاً به بفمه كما لو كان يفكر.
قالت الفتاة: "أريد المكتب. بكم المكتب؟"
لوح الرجل بيده لهذا السؤال غير المعقول. قال: "اعرضي رقماً."
نظر إليهما بينما يجلسان علي المنضدة. في ضوء المصباح، كان هناك شئ ما حيال وجهيهما. كانا رائعين أو انهما كانا قذرين. لم تكن هناك قدرة علي التحديد.
قال الرجل: "سأغلق هذا التلفاز. وأشغل تسجيلاً. هذا المشغل للبيع أيضاً. رخيص. قدما لي عرضاً."
صب المزيد من الويسكي، وفتح علبة بيرة.
"كل شئ للبيع."
أمسكت الفتاة بكأسها وصب لها الرجل.
"شكراً. أنت لطيف جداً."
قال الفتي: "انها تصعد مباشرة إلي الرأس. انني أحس بها في رأسي." أمسك بكأسه عالياً وهزه.
أنهي الرجل كأسه وصب آخر، ثم وجد الصندوق الذي يحوي الأسطوانات.
قال للفتاة: "اختاري شيئاً." و حمل الصندوق إليها لتختار، بينما كان الفتي يحرر الشيك.
"هذا" اختارت الفتاة شيئاً، أي شئ، لم تكن تعرف الأسماء علي الأسطوانات. نهضت من المنضدة ثم جلست مرة أخري. لم تعرف كيف تجلس ساكنة.
قال الفتي: "انني أكتبه للصرف الفوري."
قال الرجل: "بالتأكيد."
شربوا. استمعوا للتسجيل. ثم وضع الرجل تسجيلاً آخر.
لم لا ترقصان يا صغيراي؟ قرر أن يقول ذلك، ثم بعد ذلك قالها. "لم لا ترقصان؟"
قال الفتي: "لا أظن ذلك."
قال الرجل: "هيا. انها ساحتي. يمكنكما الرقص لو أردتما."
بأذرع معقودة حول بعضهما، وجسدين ملتصقين، تحرك الفتي و الفتاة هنا و هناك عبر ساحة المنزل. كانا يرقصان. و عندما انتهي التسجيل، أعادوه مرة أخري، و عندما أنتهي من جديد، أعلن الفتي: "لقد سكرت."
قالت الفتاة: "لا لم تسكر."
"حسن. لقد سكرت."
أغلق الرجل المشغل بينما الفتي يضيف: "حقاً."
"ارقص معي." طلبت الفتاة من الفتي ثم من الرجل، وعندما نهض الرجل، أقبلت إليه بذراعيها مفتوحتين.
قالت: "هؤلاء الناس هناك، إنهم يتفرجون."
قال الرجل: "لابأس. انه منزلي."
قالت: "دعهم يتفرجون."
قال: "نعم. لقد ظنوا انهم رأوا كل ما جري هنا. لكنهم لم يروا هذا، أليس كذلك؟"
شعر بأنفاسها علي عنقه.
قال: "آمل انك تحبين سريرك الجديد."
أغمضت عينيها ثم فتحتهما. دفعت وجهها إلي كتف الرجل. جذبته أكثر.
قالت: "لاريب انك بائس جداً."

بعد أسابيع، قالت: "الرجل كان تقريباً في منتصف العمر. كل أشيائه كانت هناك في ساحة منزله. صدقاً. لقد ثملنا جداً ورقصنا. في طريق السيارة. اوه ربي. لا تضحك. لقد شغل لنا هذه الأسطوانات. انظر لهذا المشغل. لقد اعطانا إياه الرجل. وكل هذه الأسطوانات الخرقاء. هلا تنظر إلي هذه القذارة؟"
ظلت تتكلم. أخبرت الجميع. حتي لم يعد هناك المزيد، وكانت تحاول أن تجعلهم يتكلمون. بعد فترة من الوقت، توقفت عن المحاولة.
(من المجموعة القصصية "من حيث أتصل")--عيد سعيد.