الجمعة، 29 يونيو 2012

كان شبه متأكد بأنها تلصق عينها الجميلة الطارفة في ثقب الباب.

، كان شبه متأكد بأنها تلصق عينها الجميلة الطارفة في ثقب الباب.
(.....)

1-الرعونة المقرونة بالحماس.
2-الوجه المذعور لأحد ما يفقد توازنه ويسقط.
3-الساقان المرفوعتان الشبيهتان بذراعي جندي يستسلم أمام سلاح يُشهر عليه. 
م.كونديرا

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

الذاكرة الشعرية

يبدو ان في الدماغ منطقة خاصة تماما ويمكن تسميتها ب"الذاكرة الشعرية"، وهي التي تسجل كل الأشياء التي سحرتنا او التي جعلتنا ننفعل أمامها، وكل ما يعطي لحياتنا جمالها. مذ تعرف توماس إلي تيريزا، لم يعد لأي امرأة الحق في أن تترك أثراً ولو عابراً في هذه المنطقة من دماغه. 
كانت تريزا تحتل ذاكرته الشعرية باستبداد مكنسة منها كل أثر للنساء الاخريات. لم يكن هذا عادلاً لأن المرأة الشابة التي مارس الحب معها مثلا فوق السجادة أثناء العاصفة لم تكن أقل جدارة من تيريزا بذاكرته الشعرية. كانت تصرخ له: "اغمض عينيك وامسكني من وركيّ ثم ضمني بقوة!". لم تكن تستطيع ان تتحمل عيني توماس مفتوحتين، ومتيقظين ومتفحصتين أثناء المضاجعة. ولم تكن تتحمل أيضاً أن يكون جسده الذي يعتلي جسدها غير ملتصق به تماما. لم تكن تريد ان يتفحصها توماس بل كانت تريد ان تجذبه إلي بحر السحر الذي لا يمكن الولوج فيه الا بعينين مغمضتين. كانت ترفض ان تدب علي الأربع لأن جسديهما في هذه الوضعية يتلامسان بالكاد، ولأنه كان يستطيع مراقبتها عن مسافة تقارب الخمسين سنتمتراً. وهي كانت تكره هذه المسافة. لذلك، كانت تؤكد أمامه بأصرار، وهي تنظر إلي عينيه، أنها لم تكن تستمتع بذلك، مع أن السجادة كلها تبللت من متعتها. كانت تقول : "لا أفتش عن المتعة بل أفتش عن السعادة. والمتعة دون السعادة ليست بمتعة". وبكلمه أخري، كانت تدق علي باب ذاكرته الشعرية ولكن الباب كان مقفلاً. لم يكن هناك من مكان لها في ذاكرة توماس الشعرية. لم يكن هناك من مكان لها إلا فوق السجادة. 

ميلان كونديرا- خفة الكائن غير المحتملة. 

الجمعة، 22 يونيو 2012

العيش في الحقيقة

العيش في الحقيقة
إنها عبارة استعملها كافكا في يومياته أو في إحدي رسائله. لم يعد فرانز يتذكر أين بالضبط. ولكن هذه العبارة تسحره. فما معني أن نعيش في الحقيقة؟ ثمة تعريف سلبي سهل: معناه ألا نكذب وألا نُخفي وألانتكتم. وهو، مذ تعرف إلي سابينا، يعيش في الكذب. فتاره يحكي لزوجته عن مؤتمر في أمستردام، وتارة أخري عن محاضرات في مدريد لا أساس لها من الصحة. وهو أيضاً يخاف من التنزه برفقة سابينا في شوارع جنيف. أن يكذب وأن يتخفي أمر ممتع لمجرد أنه لم يفعل ذلك من قبل، فهو يشعر عندها بدغدغة لذيذة كما عندما يقرر الأول في صفه أخيراً أن يتنزه بدل الذهاب إلي المدرسة. 
أما العيش في الحقيقة و عدم الكذب علي أنفسنا أو علي الآخرين، بالنسبة لسابينا، فأمر غير ممكن، إلا اذا عشنا بعيدا عن الناس، فما أن يكون هناك شاهد علي أعمالنا حتي نتأقلم طوعاً أو كرها مع النواظر التي تراقبنا فلا يعود أي شئ مما نقوم به حقيقاً. أن نحظي بجمهور و أن نفكر بجمهور، فهذا يعني أن نعيش في الكذب. سابينا تكره الأدب الذي يكشف في الكاتب عن حياته الخاصة أو عن حياة أصدقائه الخاصة.. وتفكر سابينا أن ذلك الذي يفقد حياته الخاصة يفقد كل شئ. و أن من يتخلي عنها بكامل إدراته، إنما هو مسخ. لذلك فإن سابينا لا يؤلمها أن يكون عليها أن تخفي حبها. بل علي العكس، هذه هي وسيلتها الوحيدة لكي تعيش في الحقيقة. 

ميلان كونديرا - ت: ماري طوق.
خفة الكائن غير المحتملة