الفيس بوك بدأ كموقع للتشبيك الأجتماعي علي نطاق ضيق، ثم صار علي نطاق عالمي كما هو معروف، وبرغم حجم النشاط الهائل بداخله، والبيزنس الضخم الذي تُديره مئات التطبيقات الجديدة اليومية علي غرار (لايف سوشيال)، (موعدك الغرامي اليومي مع المشاهير)، (حظك اليوم) و (الصندوق السحري) وغيرها الكثير والكثير من التطبيقات التي لا يتوقف المبرمجون عن كتابتها كل ساعة. وتوفيره لطريقة اتصال سهلة بالأصدقاء والمشاهير من كل أنحاء العالم..ليس هذا فقط بل حدث ولا حرج عن القدرة التواصلية الكبيرة في تنظيم الاحداث المحلية مثل الأعتصامات، واللقاءات الجماعية. فضلاً عن التنبيهات الدورية عن أحدث الندوات والمعارض والحفلات وكل ما يهمك.
وبرغم كل هذا فأنا أكتب لك عن أهم عشرة أسباب -فقط !- لكي تلغي حسابك علي الفيس بوك : الفيس بوك كلمة ترادف (منتهي الإزعاج)..أراهنك ان لديك عشرين حساب علي الأقل لبشر تتمحور حياتهم حول درجتهم في اختبار (حظك اليوم)، او نتيجتهم في (مسابقة quiz) تافهة، او تقديرهم في لعبة (هل أنت رومانسي؟)..تفتح حسابك بحثاً عن التحديثات الهامة لكنك تصطدم بكم يومي من التفاهة والضوضاء يصيبك بالغثيان.
انخراطك في المجتمع التفاعلي -اللامُنتج- علي الفيس بوك يستهلك الكثير من وقتك بطريقة مباشرة -متوسط ساعة يومياً تقريباً؟ هذا بأعتبار انك تفتح حسابك أكثر من مرة- وغير مباشرة، عن طريق انشغالك بالتفكير في ماذا حدث علي الفيس بوك، او ما ستفعله علي الفيس بوك عندما تعود لمنزلك او لجهازك. ربما لو خصصت هذا الوقت لتعلم شئ ما لأستفدت أكثر، وأرحت بالك أكثر.
ألا يكفينا البريد الألكتروني وضغط البريد الألكتروني؟ الفيس بوك يرسل علي بريدك عشرات التنويهات، والتنبيهات يومياً عن كل نشاط يحدث او يحوم حول حسابك، صحيح انه يمكنك إلغاء خاصية التنبية ولكن الكثيرين لا يعرفون هذا. دعك من النوع الاخر من ضغط الرسائل وهو علي صندوقك علي الفيس بوك نفسه، وهذا يُغرق يومياً بعشرات الرسائل من جروبات وتطبيقات وأحداث، وكل صفحة تشترك بها. بالطبع مطلوب منك قراءة كل شئ، والرد علي كل شئ إن كان يستوجب الرد. والان : هل نُعيد النظر في متوسط ساعة يومياً علي صفحات الموقع؟
في كل مرة تسجل دخولك تجد عشرات التنبيهات بأنتظارك، بين تعليقات علي حالتك، وبين تعليقات اخري علي حالة من قمت بالتعليق علي حالته !! ذات مرة وجدت 158 تنبيهاً في خلال 16 ساعة فقط..شعرت بأرتفاع ضغط دمي..ليس لدي وقت لمراجعة كل هذا، وفي نفس الوقت لا أريد أن أفقد التنبيهات الهامة..ماذا أفعل؟
- الموقع يحوي مسنجر أونلاين !
هذه مصيبة !..أنا أري ان العيب الجوهري في جوجل توك هو انه يعمل بمجرد فتح صفحة بريدك..ولكن عناوين اتصالك في جوجل توك تضيفها بنفسك، وتتحكم في خصائصها..لكنك في الفيس بوك تظهر اونلاين للاخرين بمجرد فتح صفحة حسابك، وتسمح لكل شخص اضفته كصديق ان يراك ويتحدث معك..هذا ضغط في حد ذاته!
- المحتوي غير قابل للمُشاركة.
فكرة الفيس بوك في حد ذاته هي المشاركة..مشاركة أي شئ، ولكنه تحول -بطريقة ثعبانية ما- إلي مدونة ضخمة يكتب فيها الالاف المحررين عن طريق وسائل النشر الثانوية كـالـNotes التي تغريك بخاصية Tag او تنبيه لأصدقائك بأنك كتبت شيئاً جديداً..المشكلة الأساسية ان هذا المحتوي غير قابل للمشاركة، ويظل حبيس أسوار الفيس بوك..ولا يُساهم في إثراء المحتوي علي الأنترنت -لو كنت تكتب بالعربية-..جربت ذات مرة نشر قصة علي حلقات عبر الـNotes وكان التفاعل كبيراً، ربما أكبر مما هو منتظر لو نشرتها علي مدونتي مثلاً، لكنني ظللت غير راض، فبرغم كل شئ لا يستطيع احد ان يقرأها غير أصدقائي، وتظل غير متاحة أمام زائر عابر، او باحث جوجلي.
الحسابات معرضة وبشدة للسرقة، وعشرات الحسابات تُسرق يومياً -خاصة ذات الشهرة والأنتشار الواسع- ويتم استخدامها في الترويج لمنتجات ومواقع وخدمات..حسابات كثيرة يستعيد أصحابها السيطرة عليها، الواقع ان معظمها يستعيد أصحابها السيطرة عليها، ولكن الأمر نفسه سخيف..تخيل ساقك تنفصل عنك كل مساء لتتجول في الشقة بحرية ثم تعود إليك !
يجرك الموقع بحسن نية إلي مشاركة كل شئ، الصور، ملفات الفيديو،أرقام وعناوين اتصالك، وماذا تفعل الان، وحالتك الأجتماعية -أعني خصيصاً حالة In a Relationship اي مرتبط بدون خطبة والتي تُثير سخريتي بصراحة عند استخدامها عربياً- كل هذا مُعرض للسرقة والتلصص طوال الوقت وبدون حماية مهما أقسم لك الموقع ان احداً غير أصدقائك لا يستطيع مشاهدة متعلقاتك. راجع تدوينتي
تلصص لا إرادي.إذا كان الفيس بوك هو الحياة الأجتماعية الأفتراضية الموازية فهو لم يُساهم في حل مشاكل الحياة الطبيعية بقدر ما ساهم في تعقيدها. كم صديق أغضبه فعل او تعليق قمت به علي الفيس بوك؟ كم زميل غضب لعدم قبولك طلب إضافته برغم قبولك إضافات أخري بعده؟
خلاصة العديد من الأسباب بأعلي. لقد تحولت وسيلة إنتاج المحتوي بسبب الفيس بوك من (الكتابة) إلي (التعليق).