كان لابد لي اليوم من زيارة مكتبة كلية الهندسة المعمارية لأن لدي تسليمة مشروع بحثي غداً ولم يعد لي من مصادر مرجعية إلا هناك..وبما انني سألت يوم السبت - إثر زيارتي الفاشلة لها- وعرفت انها تغلق في الثالثة عصراً..وبما ان ستوديو التصميم العمراني ينتهي في كليتي في الخامسة فقررت المخاطرة والذهاب صباحاً.
هكذا بدأت يومي بطباعة اخر ما وصلت إليه في مشروع التصميم العمراني وتوصيله للكلية مع تركه لدي أحد زملائي علي ان يقوم بتسليم اللوحة لي لو طلبوها. واتجهت من فوري صوب عمارة.
الوحدة شئ مفيد في بعض الأحيان..ففضلاً عن التركيز العالي نتيجة عدم الكلام، تكون الإنتاجية من المشاوير عالية أيضاً لأن المجموعات تكسل بعضها البعض.
عندما دخلت إلي كلية الهندسة عاودتني الأفكار التي تراودني كل مرة أذهب إلي هناك..وازدادت هذه الأفكار وأنا أستقل المصعد الكبير حيث الطابق الخامس الذي تقع فيه المكتبة..و ازداد تلاطم هذه الأفكار أكثر وأكثر وأنا انهي ما جئت لأجله في المكتبة بسرعة ويسر..وبينما أنا أتجول قليلاً قبل أن أستقل المصعد عائداً إلي الطابق الأرضي تداخلت هذه الأفكار في صورة تدوينة قررت أن أكتبها.
الفارق كبير بين كلية هندسة وبين كليتنا..في عمارة لديهم مصعدين كبيرين للطلية قبل الأساتذة..بينما في تخطيط هو مصعد واحد صغير للأساتذة فقط..صحيح ان مبني عمارة يتكون من ستة أدوار، ومبني تخطيط ثلاثة أدوار فقط، لكن من قال ان صعود ونزول ثلاثة أدوار يومياً ولمدة خمس سنوات عملية سهلة ؟!
مكتبة عمارة واسعة جداً، ومغطاه بالأنترنت اللاسلكي..ويمكن للطلبة أن يجلسوا فيها بحواسيبهم المحمولة أو بلوحاتهم أو حتي بدون أي شئ دون أن يكلمهم أحد..بينما في مكتبة تخطيط يطلب الموظفون من الطلبة بصوت عالي الجلوس وعدم الوقوف..ويطردون من لا يمسك كتاباً.
وبينما ترفض إدارة مكتبة تخطيط دخول الطلبة بحواسب محمولة أو حتي بحقائب..توجد بمكتبة عمارة أدراج بمفاتيح لحفظ المتعلقات بجوار المدخل.
الموظفون بمكتبة عمارة متعاونون بشوشون يحفظون أسماء وأماكن الكتب داخل المكتبة، ويساعدوك في الوصول إليها..بينما موظفي مكتبة تخطيط لا يساعدوك في الوصول لما تبحث عنه، وتشعر دوماً أن كل همهم أن تخرج من المكتبة بسرعة لأنك عبء عليهم.
أمام مكتبة عمارة يوجد كمبيوتر عام عملاق من جوجل موصل بالأنترنت..في كليتنا لا توجد هدية حتي من لينك DSL !..في عمارة يعلقون في ممرات الأدوار شاسيهات ولوح المشاريع الجيدة ويحدثونها كل فترة بمشاريع الطلبة الجديدة..فتجد نفسك داخل معرض مفتوح مثير للألهام أثناء سيرك في طرقات الكلية.
بينما في كلية تخطيط لم تتحرك مشاريع التخرج المعلقة من أماكنها منذ خمسة سنوات !!..نفس المشاريع المعلقة منذ كنت في الصف الأول وحتي الان وأنا في بكالريوس !
بشكل عام أشعر ان الأهتمام كبير في عمارة..بينما الإدارة في كليتنا كسولة جداً..عملية تعليق المشاريع الناجحة هذه تساعد وتشجع الطلبة علي التفوق.
بل ان نظرة واحدة علي المشاريع المعلقة في ردهات عمارة وعلي شغل طلبة كلية تخطيط عمراني ستشعر فوراً ان الفارق كبير جداً، ولكن إدارة كلية تخطيط يبدو انها لن تنتبه لذلك أبداً..لا أدري لماذا..ربما حين يقرروا التفرغ للتفكير في مصلحة الكلية و طلبتها..وان مستوي الخريجين أهم كثيراً من أمور تافهة مثل وقوف الطلبة في الممر، أو جلوسهم علي السلم.
وقفت أنظر للمشاريع المعلقة هناك وشرد تفكيري..في كليتي يعارضون استخدام الكمبيوتر في الشغل بغباء تام..لهذا خريجي الكلية غير مؤهلين إطلاقاً للعمل الحقيقي..حتي الأكاذيب الرائجة داخل الكلية بأن تخطيط هي مصنع مهندسي التصميم العمراني واللاندسكيب الأول في مصر، وان مهندسي عمارة لا يفقهون في هذه الأشياء..فليأتي مروجي هذه الأكاذيب ليشاهدوا أعمال الطلبة في عمارة ويروا الفارق بأنفسهم..أساليب إظهار مبهرة، بأستخدام الكمبيوتر و الفري هاند..أساليب متنوعة مختلفة..بينما الطلبة في كلية تخطيط لا يعرفون الا شكل واحد للوحة ويطبعون يومياً عدد مهول من لوحات الفوتوشوب الفارغة ذات المنظر الكئيب يملئونها بالألوان القبيحة فيما بعد بدون ابتكار أسلوب إظهار واحد جديد منذ أكثر من خمس سنوات.
خلاصة مقالي انني أري ان كلية تخطيط عمراني غارقة في سبات عمييييييييق، وتحتاج لمراجعة شاملة لأساليب التدريس فيها، وإعادة (خضخضة) فكر الطلبة ليخرجوا من حالة (تقليد المشاريع السابقة) التي التصقوا بها ولم يعودوا قاردين علي الخروج منها..أعتقد انه من الأفضل لوحدة ضمان الجودة هذه أن تبدأ عملاً حقيقاً بدلاً من تعليق بوسترات عملاقة ملونة حول مواصفات خريج الكلية ورسالة التدريس وبقية هذا الكلام الفارغ.