السبت، 26 يناير 2013

مقابلة مع جهاد الطنباري



مقابلة مع الكاتبة جهاد الطنباري، مؤلفة رواية "أوقات قلقة" المنشورة علي الانترنت

-  كتبت ملاحظة انه لا يمكن ان ابدأ المحادثة قبل ان اسألك عن الكُتّاب الذين اثروا فيكِ influences  فياريت تعتبري ده السؤال الأول.
- طيب بعيد عن المحادثة انت حسيت ان القصة متأثرة بمين؟
- تحويل اتجاه الأسئلة من أولها؟
- ههه طيب هبقي اسألك بعدين.. هنري ميلر متهيألي.. كمان يناسبني اني اكون متأثرة بأوسكار وايلد.. انا بس مقرتلهوش كتير.
- توقعت ميلر..
- أول كلمتين في الرواية مثلاً زي رواية لبول أوستر.. في بلاد الأشياء الأخيرة.

- لاحظت بالطبع.. لقد أخذت الأمر علي انه مداعبة.
- هيا علقت معايا لأني حسيت ان بني ادم تاني بيتكلم.. بيبعتلي رسالة.. أصلاً الأيام اللي ابتديت أكتب فيها، أخر 10 أيام في رمضان.. كان تقريباً مرسي لسه متولي الحكم.. وكان فيه نوع من الاستبشار ومن انه هيحل مشاكل المواصلات و البنزين و الزبالة الخ.. وعلي ما يبدو انا لوحدي اللي كنت ممتلئة بأفكار سوداوية.. كل الأفكار دي جت في أمجد.

- فكرة أمجد تبدو في البداية صادمة، و لكن حين أفكر ملياً في الأمر فأجد انه من الطبيعي ان تكتب فتاة عن بطل شاذ.. بل انه الشئ الوحيد الطبيعي.
- لأني بنت.. ولأنه جزء مني.. لكن أما تفكر تلاقي ان أمجد مكنش شاذ جنسياً.. هوا كان شاذ شكلا بإرادته، وأنا بواجه ده نوعا، بس من غير ارادتي.. أنا كده خلقة.. انت اما تكتب عن بنت هتكتب عن بنت مسترجلة ولا في غاية الرقة؟

- أنا متفق معك.. ولكن ألم يأت ذلك علي حساب الشخصيات الأنثوية الطبيعية في الرواية؟ شخصية فتاة السطح بمعني أصح.
- ازاي؟

- هل غرابة أطوار أمجد فرضت عليها أسلوب تصرفات معين ام انه فعلاً مفيش مكان للبنات العادية/اللي في غاية الرقة في الروايات؟
- الرواية أصلاً كانت في مناخ غرائبي..
فيه أكتر من بنت ظهروا، سيدة المحل و فتاة محل الملابس.. وأنا.. أمجد كان لطيف كفاية انه يسميني بالكاهنة.. المناخ نفسه كان مساعد علي الغرائبية دي..

- هو كان جنتل فعلاً.
- ده غير انه ساعد فتاة السطح انها تخرج من جمودها.

- والبنت بتاعة عربة التين الشوكي.. والسيدتين في الميكروباص.
- كلها مواقف حقيقية.. الرواية تكاد تكون سيرة ذاتية للكام يوم دول.

- هذا اعتراف جيد لصالح المقابلة.. الرواية بتفكرني بكتابات الغاضبين.. جملة اعتراضية بصوت مدوّي.. افتكرت رواية سالنجر "الحارس في حقل الشوفان".. منعوا قرائتها في أمريكا بدعوي انها رواية هدامة.
- احتمال تكون الأجيال بتعيد دورتها.. لكن في حارس الشوفان الصوت المدوي كان جملة اعتراضية علي المجتمع.
أنا في كذا حاجة بتشغلني كلهم بيدوروا في فلك ايه أهمية انك تبدع أو تكتب..

- الناس لا تقرأ الإبداع.
- حتي لو قروا.. فيه مشكلة ايه الفايدة، أو هل يا تري انا بضحك علي نفسي.

- الرجال مغرمون بترك بصمتهم في كل مكان.. لهذا يكتبون أكثر من النساء.. هذه قضية لا تشغل السيدات.. الكتاب الرجال الحاصلين علي نوبل مثلاً اكثر من السيدات.. دي ملاحظة عالمية، لا داعي للحديث عن الوضع عربياً.
- أنا مش عارفة مالي و مال موضوع الستات و الرجالة و نوبل ده
الفكرة اللي بتأرقني في الفن مش الاسم.. و مش كام واحد هيستفاد، كل واحد عقله في راسه يعرف خلاصه.. أنا متمحورة –كالعادة- حوالين نفسي.. ذاتي ونفسي وأنا.. باعتباري بني ادمه عايشة في الكون طبيعي يعني..
فكرة الفن بتوجع لأننا مش خالدين.
وساعات بتحس ان فنك أقوي منك.. أمجد ليه وجود أقوي مني.

- ما هو انطباعك عن تجربة النشر الالكتروني.
- و الله كويسة مش بطالة. انا كان مستحيل أنشر ورقي.. من جهة لأني متأثرة بطريقة البانك.. اعمل كل شئ بنفسك..
ومن جهة تانية النشر في مصر.. و غالباً في العالم بعافية حبتين.

- عدد القراءات والاراء و التفاعلات التي وصلتك، هل تجدينها مرضية؟
- اه.

- هل لديك روتين كتابي معين؟
- اه كنت بكتب في المواصلات.

- فعلاً؟
- كنت حاشرة كام ورقة في جيبي زي أمجد.

- أنت من الذين يستطيعون التركيز في الأماكن العامة.. وأيضاً: تكتبين بالورقة والقلم؟
- الأماكن العامة ما بتتطلبش تركيز كتير.. بالعكس بتكون معزول تماماً.. فضلت كام يوم أكتب في دماغي وأنا ماشية في الشوارع و شايفة أكوام الزبالة الخ.
أول ما مسكت ورقة وقلم كله نزل علي الورق.. كتبتها تقريباً في عشر أيام بس.. اخر عشر أيام في رمضان.

- في القاهرة أم في المنصورة؟
- المنصورة.

- كيف تشعرين كونك كاتبة من المنصورة.. كيف تكتبين هناك؟
- الأمور هنا مختلفة كتير.. مثلاً معندناش.. وسط البلد. هنا احسن بكتير من القاهرة بالنسبة لي.. مفيش أدب الاختفاء باحتفاء الاحتفاء.
مفيش هيلمنات الثقافة بمعني أصح. أي نعم فيه توجه ان يبقي فيه.. لكن لسه ما نتشرتش في المكان.

- وهذا شئ إيجابي؟
- أكيد ليه مساوئ لكن من ناحيتي انا إيجابي.

- هناك كاتب اسمه ابراهيم فرغلي وقد كتب رواية كاملة عن المنصورة.. أذكر منها صراعات طائفية و ألعاب طفولة و بارات ذات تاريخ.. كانت رواية جيدة، و جعلتني أريد زيارة المدينة.
- مفيش أي حاجة من دي. لكن أكيد هو لقي اللي عايز يشوفه.

- بالمناسبة.. هل تكتبين مذكرات؟
- اشمعني.

- أبداً.. هذه عادة مشهورة أن ينشر الكاتب مذكراته كعمل أدبي.
- لا مبكتبش مذكرات.

- تحملين شهادة في الهندسة، مثل كثير من الكتاب في الواقع، كيف ترين هذا الأمر؟
- انا محبش اني اكون درست حاجة تانية.. الهندسة فن من زاوية ما.. لو تقصد اني كان المفروض ادخل كلية اداب مثلاً عشان أدرس الأدب وكده فدي كانت هتبقي أسرع طريقة اني مكتبش حرف.
ده غير اني في أيام المراهقة كنت مهتمة كتير بالرسم أكتر من أي حاجة فكان احسن لي أدخل فنون جميلة، ولو كنت عملت خير في نفسي كنت دخلت معهد موسيقي و شيلت جيتار.

- ماذا عن الموسيقي و الرسم؟
- اعتقد ان بعد ما دخلت هندسة موضوع الرسم ده اتدمر تماما. لكن انا بحب الموسيقي جدا .. أول ما فكرة جت في دماغي في الرواية كانت بسبب أغنية.
حالة الرواية كلها او ع الأقل الجزء الأول منها..

- أي اغنية يا تري؟
white strips- seven nation army-
تصور بتسمع دى واكوام الزبالة ع الناحيتين م الطريق والتحرش ف الشوراع .. وهياج الاسلاميين زز الخ.

- تحبين الموسيقي الغريبة... المختلفة؟
- مبحبش الموسيقى الكلاسيكية.. اى شىء قبل السبعينات ميت، وعندى ميل للبانكيين اكتر م الهيبيين.
فى ظل ظروف اجتماعية ومادية معينة.. وفساد سياسى، الجميل بيبقى مقرف.

- معلش ممكن تعيدي تنويرنا في مسألة البانك كما ترينها.
- بس كده. 
انت مثلا اتكلمت عن جيل الغاضبين
على حد علمى هما جيل من الروائيين الأمريكيين كتبوا بعد الحربية العالمية الأولى، مش كده؟

- أعتقد انهم ظهروا مع الثورة الجنسية في الستينات..
ربما هناك جيلين.
- يبقى الحرب العالمية التانية
المهم يعنى.. البانك برضه ظهروا بعد الحرب العالمية التانية وكانوا مقروفين من البيتلز وشكسبير.. منهم جت فرق مابعد البانك واللى كانت متفرعة ف أذواقها الموسيقية ومن كل فرقة من دول نشأ لون موسيقى.
اللى اقصد أقوله ان بعد كل دمار بيحل بمجتمع ما.. بيظهر الجيل اللى بيهز أسس المجتمع ده وبيرفض ذوقه الجمالى.

- تصفين نفسك بأنك punk writer.
- لأن الكتابة.. كتابتى خشنة شوية وخام. ولأنى مروحتش لشركات انتاج.. قصدى دور نشر.
ولأنى طبعا اتبعت مبدأ افعل بنفسك....
هوا هيبقى ظريف لو ابتدى مجتمع ما من الروائيين أو الكُتّاب يتكون ويشوفوا طريقة للنشر.

- المشهد الاخير في الرواية مش شايفاه قالب علي اعلان كوكاكولا شوية؟
- ايوة.. مهرجانى شوية بمناسبة العيد.. الحقيقة ان تأثير كاريوكي بيمتد..
وواضح انهم مهتمين فعلا ان الشعب يشرب كوكاكولا ويتجنن.

- أحتفظ بحقوق الأعلان.. مشروعك القادم ، علام تعملين الان؟
- المشهد الأخير كان فيه السر الصغير اللى أمجد عاوزه.. حبوب القمح المطمور اللى تزرعها تطلع فعلا مش هزار.. وممكن تزرع من بذورها. في الرواية كانت فيه كذا معضلة.. كلها معضلة الفنان... أمجد مش فنان، لكنه بيفضل ان حياته تكون بشكل فنى. هوا عمله الفنى الخاص. فتاة القبعات مجمدة.. بتصنع وتخبى، مش مهتمة ان حد يشوف وعايشة ف فقاعتها. وف النهاية انا وقلقى م الكتابة.
قلقى من الكتابة غالبا هيكون فكرة العمل القادم.
الفنان بياخد صور متعددة.. ربما أمجد نجح لدرجة متطورة... ف النهاية الفن اللى يخدم البشر أحسن م الفن من أجل الفن.
النقطة الأساسية هى التطور.. معضلة الفنان انه يتطور ويتطور ويتطور... وأمجد كان علي الخط. مش لازم تعرض الفن ع ورق أو رسم... أمجد كان ماشى في الشوارع فن.

- قلقك من الكتابة... هل يعني هذا ان بطل العمل القادم سيكون كاتباً؟
- كاتبة غريبة نوعا. أمجد كان ظلى يجول في المنصورة. المرة الجاية هيبقى كائن غريب تانى.

- الحقيقة أمجد كان أقرب ما يكون للايقونة الشبابية.
- فعلا؟.. في القصة أنا كنت طيف كل شوية يرواد عالمه، وبشكل ما مخيم عليه، لذلك كان فيه المناداه بالكاهنة الخ، مع اعتراف منه انى أصغر منه...... ده فى القصة.
في الحقيقة كان هوا الطيف اللى دخل على واقعى.. وخلانى أشوف من منظار غرائبى. يعنى... احنا كنا بنراود بعضنا بعضاً.
أنا معنديش اى اهتمام بالأيقونة الشبابية الخ.. اصلا أمجد هيبستر لعين.

- هذا الوصف ورد في الرواية.
- انت لماح فعلا!

- سأحذف سخريتك في المونتاج..
- هاها

- اخر سؤال، ما رأيك في التدوين و في المواقع الاجتماعية حاليا؟
- معنديش رأى.. لا أملك من الأمر شيئا. حد بيسألك لما يغيروا ف الفيسبوك او يبيعوا انستجرام؟ بالتأكيد لأ. احنا مجرد مستهلكين ولنا ان نستهلك بالطريقة اللى تريحنا.

الأربعاء، 16 يناير 2013

حلمت انني ازدريت الدين الإسلامي كاملاً، وجرت خناقة بيني وبين أمي لوّحت فيها بذراعي مستهيناً عدة مرات. تم استدعائي، بواسطة شخص ضخم الجثة عظيم الشارب اسمه "سبع الليل"، إلي منضدة في قاعة كبيرة صاخبة. وجدت أمي تجلس محمرة العينين باردة الوجه، وأمامها يجلس الأستاذ ابراهيم عيسي.. جلست غاضباً وأنا أقول لعيسي محتداً: "في المرة القادمة التي تريدني فيها يكفي فقط أن تكلمني هاتفياً." فضحك وهو يقول: "فعلها سبع الليل مرة أخري.. اجلس.. ولكن فعلته أهون من فعلتك." لاحظت بجواري فتاة،  كبيرة الخدين كما أحبهما، تنظر إلي كما يُنظر لنجوم الروك. كانت تحمل ورقة صفراء قالت وهي تنظر فيها: "والدي يبلغك بإعجابه الشديد بك.. إنه لواء متقاعد.. لقد أرسل لك رسالة حتي." نظرت للورقة في يدها، كانت تحمل تاريخاً ومقدمة، ولكن نصها مكتوب بالشفرة. خطفت الورقة من يدها، فكورت شفتيها بطريقة كيوت. قلت: "مادامت الرسالة لي فلا يجب أن تفتحيها.. هذه مكتوبة بشفرة عسكرية لقد كنت جندياً سابقاً وأستطيع فكها.. اتركينا نتفاهم مع بعض." 
وقف رجل فجأة في منتصف القاعة وراح يؤذن! فصمت الجميع، وجري سريان عنيف للأفكار في القاعة حتي أنني أقسم أن باستطاعتي رؤية ما يفكر فيه كل شخص. لم يُكمل الرجل الآذان وصاح بصوت آمر: "نقسم القاعة للصلاة نصفاً للرجال ونصفاً للحريم."
غلي دمي فقمت واقفاً. جذبتني الفتاة فألتفت أحاول إقناعها بأن تصرفه خالي من الذوق لأنه يفترض ان كل الناس تريد أن تصلي، وان الصلاة التي تقطع اللحظة الحلوة هي صلاة باطلة. سمعني الرجل فنظر نحوي والدم يتطاير من عينيه، هربت من عينيه بصياح: "حرية.. حرية.. انتا مش ربنا." رفعت عقيرتي ولم انتبه لرد فعل بقية الناس وهل تبعوني ام تبعوه..
استغفر الله العظيم ..لا اله الا الله..  

الاثنين، 7 يناير 2013

روايات بول أوستر في رواية واحدة

روايات بول أوستر في رواية واحدة
بقلم: جيمس وود
لم يتكلم روجر فاييدو مع أحد لمده عشر سنوات. حبس نفسه في شقته ببروكلين، مهووساً بترجمة وإعادة ترجمة نفس الفقرة القصيرة من "اعترافات" جان جاك روسو. منذ عشر سنوات، هاجم رجل العصابات تشارلي دارك فاييدو و زوجته. تعرض فاييدو للإيذاء حتي كاد يفقد حياته؛ ماري تعرضت للحرق، وأمضت خمسة أيام في العناية المركزة. في الصباح، يترجم فاييدو، وفي المساء، يكتب رواية عن تشارلي دارك الذي لم يُقبض عليه قط. يغرق فاييدو نفسه في الكحول بلا شعور. يشرب لدفن أحزانه، لينسي وجوده. رن الهاتف، ولكنه لم يجب عليه قط. في بعض الأحيان، تدخل هولي ستاينر غرفة نومه، وهي امرأة جذابة تعيش في الشقة المقابلة، وتقوم بخبرة بإيقاظه من غيبوبته. في أحيان أخري، كان يستعين بخدمات آليشا وهي ساقطة محلية. كانت عينا آليشا جامدتين، مليئتين بالأستهانة، كانتا عينا شخص رأي الكثير. وعلي الرغم من ذلك فأن آليشا كانت تحمل تشابها غريباً مع هولي، كما لو كانت "بديلة" هولي. وقد كانت آليشا هي من استطاعت أن تسعيد فاييدو من الهاوية. ذات نهار، وهي تتجول عارية في شقة فاييدو، أكتشفت مسودتين كبيرتين مرتبتين بعناية. واحدة كانت ترجمات فقرة روسو، كل صفحة تحمل تقريباً نفس المفردات، والأخري هي الرواية عن تشارلي دارك. بدأت تتصفح الرواية وهي تتمتم: "تشارلي دارك! أنا أعرف تشارلي دارك! أنا أعرف هذه البسكوتة الصلبة. الوغد كان عضواً في عصابة بول أوستر. أحب قراءة هذا الكتاب يا حبيبي، ولكني كسولة جداً، لماذا لا تقرأه لي؟" وهكذا كُسرت عشرة سنوات من الصمت. قرر فاييدو إرضاء آليشا. جلس وبدأ يقرأ الفقرة الأولي من روايته، الرواية التي قرأتها أنت للتو. 

الثلاثاء، 1 يناير 2013

أتحدث تركية سيئة

أشعر أحياناً بالتوتر لأنني أعطي إجابات غبية علي أسئلة معينة. يحدث هذا بالتركية بقدر ما يحدث بالإنجليزية. أتحدث تركية سيئة و أتلفظ بجمل غبية. تمت مهاجمتي بكثرة في تركيا بسبب محاوراتي أكتر من كتبي. السياسيون و الصحفيون لا يقرأون الروايات هناك. 
أورهان باموق-كاتب تركي