الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

لا شئ أكثر إنسانية



الجمال. بالتأكيد من أرض الزولو، حيث لديك الكثير من الأجساد العارية التي تنظرين إليها، لابد أن تُسلّمي، بلانش، بأن لا شئ أجمل إنسانياً من ثديي امرأة. لا شئ أجمل إنسانياً، لا شئ أكثر إلغازاً إنسانياً من السبب الذي يجعل الرجال يريدون ملاطفة هاتين الحويصلتين الدهنيتين المنحنيتين الغريبتين، مرة بعد أخري، بفرشاة الرسم أو الإزميل أو اليد، و لا شئ محبباً و أكثر إنسانية من تعقدنا (أقصد تعقد النساء) في هواجسهم.

ج.م.كويتسي
إليزابيث كستلو
ترجمة : عبد المقصود عبد الكريم
Artwork by : Gustav Klimt

الاثنين، 29 أغسطس 2011

الجمعة، 26 أغسطس 2011

من اليد إلي الفم، بول أوستر


مـن اليــد إلي الفــم(1)
"وقائـع فشـل مُبَكـر"
بول أوستر(2)

ترجمة : أحمد مجدي(3)


في أواخر العشرينات و أوائل الثلاثينيات من عمري، مررت بعدة سنوات كان كل شئ لمسته فيها يتحول إلي فشل. زواجي أنتهي بالطلاق، عملي ككاتب تعثر، و كنت غارقاً في الكثير من المشكلات. أنا لا أتحدث فقط عن عجزاً عَرضياً أو تقليل متباعد للنفقات- بل نقصاً مستمراً، طاحناً يكاد يكون خانقاً، في المال سمم بدني و أبقاني في حالة لا تنتهي من الهلع.
لم يكن هناك من يُلام سواي. علاقتي مع المال كانت دائماً معيبة، غامضة، مليئة بالخبطات المتناقضة، و الآن أنا أدفع ثمن رفضي إتخاذ موقفاً صريحاً حيال الأمر. طيلة الوقت، كان طموحي الوحيد هو أن أكتب. عرفت ذلك مبكراً في السادسة عشر أو السابعة عشر، و لم أقم أبداً بإيهام نفسي للتفكير في أنني قادر علي كسب العيش من ذلك. أن تكون كاتباً ليس "قراراً مهنياً" مثل أن تكون طبيباً أو شرطياً. أنت لا تختار الكتابة بقدر ما تختارك هي، و طالما قبلت حقيقة كونك غير صالح لأي شئ أخر، فعليك أن تكون مستعداً لأن تسير في طريق صعب و طويل طيلة أيامك الباقية. ما لم يتضح أنك مُفضلاً عند الآلهة (و طوبي للرجل الذي يتضح أنه كذلك)، فلن يجلب لك عملك أبداً مالاً كافياً ليكون دعماً لك، و إذا كنت تطمح إلي أمتلاك سقفاً فوق رأسك و ألا تجوع حتي الموت، فيجب أن تعهد بنفسك إلي عمل آخر قادر علي تسديد الفواتير. لقد فهمت كل ذلك، و كنت مستعداً، لم يكن لدي أي شكاوي. في هذه المسألة، كنت محظوظاً بعض الشئ. إذ أنني لم أكن أرغب في أي شئ مادي من السلع، و مسألة أن أكون فقيراً لم تُخيفني. كل ما كنت أريده هو فرصة لعمل ما شعرت أنه بداخلي.
معظم الكُتّاب يعيشون حياة مزدوجة. يكسبون نقوداً طيبة من مهن عادية و يُفرّغون بعض الوقت لكتاباتهم بأفضل ما يستطيعون : باكراً في الصباح، وقت متأخر في المساء، نهايات الأسبوع، الإجازات. ويليام كارلوس و يليامز(4) و لويس- فيردناند سيلين(5) كانا طبيبين. والاس ستيفنز(6) عمل لحساب شركة تأمين. تي.إس.إليوت(7) كان مُحاسباً، ثم ناشراً. و من ضمن معارفي، الشاعر الفرنسي جاك دوبين(8) يعمل مديراً مشاركاً لمعرض فنون في باريس. ويليام برونك(9)، الشاعر الأمريكي، أدار بيزنس الفحم و الخشب لعائلته في ريف نيويورك لما يزيد عن الأربعين عاماً. دون ديللو(10)، بيتر كاري(11)، سلمان رشدي(12)، و إلمور ليونارد(13) كلهم عملوا لفترات طويلة في التسويق. كُتّاب آخرين يقومون بالتدريس. لعل هذا هو الحل الأكثر شيوعاً اليوم، مع توفير كل جامعة كبري و حتي كل كلية صغيرة للبرامج المُسماه بالكتابة الإبداعية، يجتهد الكتاب و الشعراء لتدبير مكاناً لأنفسهم. من يمكن أن يلومهم؟ ربما لا تكون الأجور كبيرة، لكن العمل ثابت و الساعات طيبة.
مشكلتي أنه لم يكن لدي أي اهتمام في أن أعيش حياة مزدوجة. ليس لأنني غير مستعد لأن أعمل، و لكن فكرة التعلق بعقارب الساعة في وظيفة من 9-5 كانت لا تناسبني، خالية تماماً من أي حماس. كنت في أوائل العشرينات وقتها، و شعرت بأنني صغير جداً علي الأستقرار، مليئاً جداً بالخطط الأخري لكي أذهب و أضيّع وقتي في كسب المزيد من الأموال الزائدة عن حاجتي. الحياة كانت رخيصة في تلك الأيام، و في ظل عدم مسئوليتي عن شخص أخر سواي، فكرت أنه يمكنني العيش علي عائد سنوي تقريبي من ثلاثة الالاف دولار.
جربت الدراسات العليا لمدة سنة، و لكن هذا فقط لأن جامعة كولومبيا عرضت عليّ زمالة مجانية و ألفين دولار كراتب-ما يعني أنني في الحقيقة كنت أقبض مالاً من أجل المذاكرة. حتي في ظل تلك الظروف المثالية، أستوعبت سريعاً أنني لم أرد أن أكون جزءاً من تلك المنظومة. لقد حصلت علي كفايتي من الجامعة، و فكرة قضاء خمس أو ست سنوات أخري كطالب كانت أشبه بقضاء الموت بالنسبة لي. لم أكن أريد الحديث عن الكتب بعد الآن. كنت أريد أن أكتبهم. من حيث المبدأ، بدا لي من الخطأ لكاتب أن يختبأ في جامعة ما، أن يحيط نفسه بالكثير من الأشخاص المتشابهين معه عقلياً، و أن يرتاح أكثر من اللازم. الخطر كان التهاون، و عندما يتهاون كاتب، فإنه يخسر بجدارة.
أنا لن أدافع عن الأختيارات التي قمت بها. لو لم يكونوا عمليين، فالحقيقة أنني لم أكن أرغب في أن أكون شخصاً عملياً. ما أردته هو خبرات جديدة. أردت أن أخرج إلي العالم و أختبر نفسي، أن أنتقل من هذا إلي ذلك، أن أكتشف بقدر ما أستطيع. طالما أبقيت نفسي علي قيد الحياة، فإن كل ما يحدث لي يمكن أن يكون مفيداً كما فكرت، يمكن أن يعلمني شيئاً جديداً لم أعرفه من قبل. لعل ذلك يبدو مدخلاً عتيق الطراز للأمر. الكاتب الشاب الذي يودع العائلة و الأصدقاء و ينطلق في طريق مجهول لأكتشاف المعدن الذي صُنع منه. علي كل حال، أشك أن هناك مدخلاً أخر كان يلائمني. كنت أملك طاقة، رأس يفيض بالأفكار، و قدمين حكاكتين. بالنظر إلي مدي كبر حجم العالم، فإن آخر ما أردته هو أن أسير بجوار الحائط.
 * * *
 يتبع،

..............
(1)    كتاب قصير غير روائي لبول أوستر، يحكي من خلاله بأسلوب أدبي فريد و سلس قصته خلال رحلة فشل مبكرة ككاتب شاب في العقد الثالث من العمر؛ ينتقل فيها من وظيفة لأخري، و يتنقل عبر أمريكا و أوروبا مستكشفاً نفسه و حقيقة معدنه و مكانه في العالم. كتاب أدبي مميز حافل بقصص جميلة لشخصيات غريبة، نتعرف منه علي العوامل المؤثرة في تكوين شخصية و نفسية كاتب مثل بول أوستر. كتاب يعتبره الكثير من النقاد مهماً للكتاب الشبان لمساعدتهم علي تخطي العقبات الأولي في حياتهم. نُشر في الولايات المتحدة عام 1996.
(من اليد إلي الفم) الترجمة اللفظية لعنوان الكتاب (hand to mouth)، و هو مصطلح يُقصد به : العيش علي الكفاف.(المترجم).

(2)    بول أوستر : روائي أمريكي غني عن التعريف، يعتبر واحد من الكتاب الأمريكين القلائل المُحتفي بهم –نقدياً- في حياتهم. و لد عام 1947 في نيوآرك، نيوجرسي، و يعيش حالياً في بروكليين، نيويورك، مع زوجته الكاتبة سيري. من أشهر أعماله : ثلاثية نيويورك 19987، موسيقي الحظ 1990، حماقـات بروكلين 2005، حديقة الغروب 2010. ترجمت أعماله لأكثر من ثلاثين لغة.(المترجم).
(3)    لا يُمكن نشر هذه الترجمة في أي مطبوعة ورقية إلا بالإتفاق مع المترجم.
(4)    ويليام كارلوس ويليامز : شاعر حداثة أمريكي (1883-1963). كان طبيب أطفال ناجحاً بجوار كتابته للشعر. كتب أيضاً القصة و الرواية و المسرحية و المقال، و عمل بالإشراف و التدريس للشعراء الشبان.(المترحم).
(5)    لويس- فيردناند سيلين : روائي فرنسي (1894-1961) حصل علي اسمه الأخير من جدته. يُعتبر من أفضل الكتاب المؤثرين في القرن العشرين. أشهر أعماله رواية رحلة إلي أخر الليل نشرت عام 1932.(المترجم).
(6)    والاس ستيفنز : شاعر أمريكي (1879-1955) فاز بجائزة بوليتزر للشعر عام 1955.(المترجم).
(7)    تي.إس.إليوت : الشاعر الأمريكي الشهير، أهم شعراء القرن العشرين، غني عن التعريف. (1888-1965). جائزة نوبل في الأدب عام 1948.(المترجم).
(8)    جاك دوبين : شاعر و ناقد فرنسي ولد عام 1927. أسس جريدة  L'éphemère. يعمل مدير لمعرض Galerie Maeght للفنون. (المترجم).
(9)    ويليام برونك : شاعر أمريكي (1918-1999). فاز بجائزة National Book Award عام 1982. (المترجم).
(10)دون ديللو : روائي و كاتب مسرحي أمريكي (1936- الان). (المترجم).
(11) بيتر كاري: روائي و كاتب أسترالي (1943-الان). حصل علي جائزة المان بوكر عام 1988. (المترجم).
(12)سلمان رشدي : الروائي البريطاني ذي الأصول الهندية الشهير، صاحب الرواية المثيرة للجدل (آيات شيطانية) 1988، و التي جلبت عليه عنفاً طويل الأمد من الأصوليين أجبره علي قضاء حياته متخفياً عن الأنظار لمدة عشر سنوات في حماية الشرطة البريطانية بعدما صدرت فتوي بإهدار دمه في إيران. حصل علي عدد كبير من الجوائز، منها جائزة المان بوكر البريطانية عن روايته (أطفال منتصف الليل) 1980. كان صديقاً لبول أوستر، و قد كتب له أوستر نصاً يشاركه محنته بعنوان a prayer for salman rushdie  منشور في كتابه "النوتة الحمراء".(المترجم).
(13)إلمور ليونارد : روائي و سيناريست أمريكي (1925-الان). تحولت روايته لأفلام و مسلسلات تليفزيون شهيرة مثل be cool و justified. (المترجم). 

الجمعة، 12 أغسطس 2011

(ليال بيضاء) قصيدة لبول أوستر

(ليال بيضاء) - قصيدة لبول أوستر
ترجمة : أحمد مجدي.
المعروف أن بول أوستر كتب الشعر وهو في العشرينات أثناء الفترة التي قضاها بباريس. لم أترجم هذه القصيدة إلا لقله أدبيات أوستر المترجمة إلي العربية، إلا أنني أري ترجمة الشعر جريمة في حد ذاتها؛ لذا أورد النص الأصلي كما هو. 
................................................................
لا أحد هنا،
و الجسد يقول : مهما قيل
لا يجب أن يُقال. لكن لا أحد
يمثل جسداً أيضاً، و ما يقوله الجسد
لا أحد يسمعه
سواك.

تساقط الثلوج و الليل. التكرار
لجريمة قتل
بين الأشجار. القلم
يتحرك عبر الأرض : لم يعد يعرف
ما سيحدث، و اليد التي تحمله
أختفت.

و مع ذلك، يكتب
يكتب : في البداية،
بين الأشجار، 
جاء جسد ماشياً
من الليل. يكتب :
بياض الجسد
هو لون الأرض. هو أرض،
و الأرض تكتب : كل شئ
هو لون الصمت.

أنا لم أعد هنا. أنا لم أقل أبداً
ما تقول
قُلت. ولا زلت، أن الجسد مكان
حيث لا شئ يموت. و كل ليلة،
من صمت الشجر، أنت تعرف
أن صوتي
يأتي ماشياً صوبك.
بول أوستر
................................................................

(النص الأصلي)
WHITE NIGHTS
No one here,
and the body says: whatever is said
is not to be said. But no one
is a body as well, and what the body says
is heard by no one
but you.

Snowfall and night. The repetition
of a murder
among the trees. The pen
moves across the earth: it no longer knows
what will happen, and the hand that holds it
has disappeared.

Nevertheless, it writes.
It writes: in the beginning,
among the trees, a body came walking
from the night. It writes:
the body's whiteness
is the color of earth. It is earth,
and the earth writes: everything
is the color of silence.

I am no longer here. I have never said
what you say
I have said. And yet, the body is a place
where nothing dies. And each night,
from the silence of the trees, you know
that my voice
comes walking toward you.
Paul Auster

الخميس، 11 أغسطس 2011

it's very hard to know what you love

أكره المدونة بشدة و أتشبث بها، لأنها الشئ الوحيد الباقي من كياني القديم. تراودني أفكار غلقها أو تحديدها علي مجموعة معينة فقط من الناس، أو حتي مسح كل البوستات منها مائة مرة في اليوم، و لكنني أقاوم بصعوبة بالغة. أقاوم لأنني لا أريد أن أصير واحد آخر، و أريد أن أكون نفسي و هذا صعب جداً. 
حتي الآن أنا صامد و لكني أخشي ضعفي. 
إذا أغلقت هذه المدونة يوماً ما و فتحت واحدة أخري لأكون فيها شخصاً آخر فقوموا بصلبي و تعذيبي.

الأربعاء، 10 أغسطس 2011

1



بدأت أتيقن أنني شخص نوستالوجي بشكل ما. أشعر بسخف شديد و أنا أقول ذلك. فمهما كانت خبراتي و تجاربي التي مررت بها، فهي في النهاية لا تتجاوز خبرات و تجارب شخص في الثانية و العشرون من العمر. 
لكنها حقيقة؛ أميل دائماً للأفلام القديمة، خاصة أفلام التسعينات. كذلك المسلسلات، أفضل منها دوماً ما شاهدته من قبل، و أعيد مشاهدته. بالنسبة للموسيقي، فلا أحب تجربة فرق جديدة أو الأستماع إلي موسيقيين لا أعرفهم. كذلك الأمر مع الكتب، فلم أعد أطيق قراءة كاتب لا أعرف اسمه كما كنت أفعل في الماضي. 
ماضيّ غريب. كأنني كنت شخصاً آخر. منذ عامين، و في صيف عامي الثالث بالجامعة؛ أنخرطت في عدة وظائف بشكل حماسي لا يُصدق، و سرعان ما تجاوزت هذه الوظائف و بدأت مشروعاً تجارياً صغيراً. كنت أتحرك بنشاط بالغ و حيوية فائقة، يحركني أمل و تفاؤل غريب. كنت أخرج في الصباح، و أعود في المساء. هكذا. أتحمل ذلك المجهود البدني، لا أعرف كيف.
فشل المشروع و تُوفيّ شريكي بغرابة شديدة بعدها. رحمه الله. في العام الماضي حصلت علي وظيفة واحدة، تكاسلت فيها فخسرتها قبل مرور شهر. جلست في المنزل. 
أنهارت صحتي لسبب مجهول بعدها، و لم أعد قادراً علي مجرد تخيل المجهود الذي كنت أبذله منذ عامين فقط. في ذلك الوقت كنت قد أنشأت مدونة خصيصاً لكي أقول للناس كيف أنني أركض في الصباح كل يوم و أعيش حياتي بشكل رياضي. و الآن : ركض؟ أي ركض؟
السنة الأولي بالكلية كانت سيئة. التيرم الأول كان لعنة. التيرم الثاني كان جيداً بعدما فُتنت بأسلوب حياة مجموعة من الطلبة في السنة الثانية، و أردت تقليدهم. هكذا تحمست بشدة لسنتي الثانية و أستعددت لها. دخلت المجموعة مع أصدقائي و قضينا أياماً جميلة خلال التيرم الأول بغض النظر عن مستوي المشروعات التي أنجزناها في ذلك الوقت. أُدرك الآن تماماً أن سنتي الثانية هي سنتي الأفضل في الكلية. كم إن ذلك الأعتراف قاسياً!
كل سنة كنت أقول أن التالية ستكون أفضل، و لكن سرعان ما يتسرب لي الملل و الضيق بعد مرور عدة أسابيع من كل تيرم. في السنة الرابعة جلست وحدي في قاعة دراسة خالية، أنظر للسبورة البيضاء، و أسأل نفسي : ماذا أفعل هنا؟   
كل مشروع عملت عليه في السنوات الأربعة سلمته ناقصاً بشكل أو بآخر، حتي أنها صارت صفة ملتصقة بي و تستحوذ عليّ، أنني لا أُكمل شيئاً ما أبداً، و قلت لنفسي ساخراً : أعتقد أنني سأسلم مشروع التخرج ناقصاً! و بالفعل سلمته ناقصاً بعدما فشلت في إكماله! 
كم أكره أن أري كل ذلك و أحُلله بأي مقياس منطقي، لأعرف أنني قد وصلت إلي ذروتي كأنسان في سنتي الثانية بالكلية و انطفأت. و من ساعتها و انا مستمر في الأنحدار. هكذا يسير المنحني بشكل تنازلي، قبل حتي أن يحظي بانطلاقة معقولة. انني أشيخ بسرعة مذهلة. 
    

الجمعة، 5 أغسطس 2011

(الآها آها ايه) كأسلوب حياة!





أنا كنت بحب المشمش..
دلوقتي بموت...في المانجا!
* * 
ودونا السيما
أتاري السيما..مطلعتش سيما!
و جابولنا بط..
أتاري البط..مطلعش بط!
* * 
قزقز كابوريا..
و الآها آها ايه!

..................
(خيري بشارة) الجميل..
Happy birth day متأخرة.

الخميس، 4 أغسطس 2011

أسبوع

موقفي المُحرج من الثورة يضغط عليّ. أنانيتي لوقتي تمنعني من قضاء وقت بالميدان، و ضعفي يحول بيني و بين المشاركة في الإعتصام. تعودت التعايش مع الأمر و تفهمه، إلا أنني أحياناً أضيق بذلك و أتمني لو كنت شخصاً آخر أكثر قوة و صلابة. و بالرغم من إيماني العميق بالثورة كثورة و كشرعية تامة تجب كل شئ آخر، الإيمان الذي يتجاوز إيمان بعض أصدقائي ممن شاركوا في المظاهرات الأولي، إلا أنني أحياناً أتمني أن أنتقل من خانة "مؤمن" أو "داعم" إلي خانة "ثوري".

الأقسي أنه سيتم تجنيدي قريباً. ليس هذا الوقت الأفضل للأنضمام للجيش. هي تجربة أريد المرور بها و اختبارها، علها تضيف لي شيئاً أستطيع الكتابة عنه، و لكن الوقت الآن حساس و أريد قضاءه كمدني لا أطيع أوامر الحكومة، و أثور ضدها إذا لم تعجبني قراراتها. 
في الجيش يفعلون شيئاً واحداً طوال الوقت وهو طاعة الاوامر. الجيش تجربة، و لكن ليس الآن. ليس الآن!

مشاوير إنهاء ورق التجنيد ترهقني في رمضان. و لكن هناك شئ آخر يعوّض عليّ. الهدوء الشديد للمدينة في الصباح. كل محال الطعام و المقاهي مغلقة. لم أتصور أن المدينة ستكون جميلة هكذا بدون المقاهي. كم أن هذه المقاهي الشعبية قذرة فعلاً، الناس تجلس في طرفي الشارع و علي الرصيف، ينظرون و يتأملون المارة بوقاحة، فضلاً عن الضوضاء التي يصدرونها. الشوارع جميلة جداً بدونهم. أنا أريد الحياة في حي هادئ، فما بالك و أن المدينة كلها صارت هادئة. أستمتع بالمشي عائداً من أي مشوار الآن. 
  
ظللت أبحث طوال يومين عن شخص يدعي "شيخ الحارة" من أجل أن يضع توقيعه الكريم علي ورقة التحري العسكري. يجلس علي مقعد أمام قهوة، مكان ثابت، يوقّع للناس، و يأخذ خمسة جنيهات مع كل توقيع. يالها من وظيفة رائعة، إذا شعر بالملل يوماً فأنا جاهز لتولي وظيفته. 
أمام قسم العجوزة يقف الضباط الشبان فرحين بأنفسهم. كل هؤلاء الضباط في قسم واحد؟ لا يعرفون أن البطل الثاني في روايتي مثلهم، ولكنه لا يقف وقفتهم هذه. كم أكرههم. و لشده كرهي لهم، كنت أتمني أن أكون واحداً منهم.

الاثنين، 1 أغسطس 2011

غريبان يلتقيا تحت شروط من الحميمية المُطلقة


تلك الحاجة للصنع، للخلق، للأختراع هي، بالتأكيد، حافز إنساني أساسي. لكن إلي أي حد؟ في أي غرض يستطيع الفن، بالتحديد الفن الروائي، أن يخدم ما نسميه العالم الواقعي؟ لا أستطيع التفكير في غرض واحد - علي الأقل ليس بشكل عملي. فكتاب لم يضع أبداً طعاماً في بطن طفل جائع. لم يمنع رصاصة من اختراق جسد ضحية. لم يمنع قنبلة من السقوط علي مدنيين أبرياء في وسط حرب.  
يحب البعض أن يعتقد أن إظهار التقدير للفن يجعل منا أشخاصاً أفضل - أكثر احتراماً، أكثر حساسية، أكثر تفهماً. ربما كان هذا صحيحاً- في حالات نادرة قليلة. لكن دعونا لا ننسي أن هتلر بدأ حياته كفنان. الطغاة و الدكتاتوريون يقرأون الروايات. القتلة في السجون يقرأون الروايات. و من يمكنه القول أنهم لا يتوصلون بذات المتع من الكتب التي يتوصل بها الجميع؟
بعبارة أخري، الفن عديم الجدوي، علي الأقل بالمقارنة، لنقول، مع عمل سباك، أو طبيب، أو مهندس طرق. لكن هل عدم الجدوي شئ سيئ؟ هل نقص النتيجة المباشرة تعني أن الكتب و اللوحات الفنية ببساطة هي مجرد مضيعة للوقت؟ الكثير من الناس يعتقد ذلك. و لكن أود أن أقول أن عدم جدوي الفن بالتحديد هي التي تمنحه قيمته و أن صنع الفن هو ما يميزنا عن باقي المخلوقات التي تسكن هذا الكوكب، هذا بالتحديد هو ما يميزنا كبشر.
أن تفعل شيئاً من أجل صفاء متعة و جمال فعله. فكر في المجهود المبذول، الساعات الطويلة من التدريب و الألتزام المطلوبة لتصبح عازفاً أو راقصاً ماهراً. المعاناة و العمل المتعب، التضحيات المبذولة في سبيل تحقيق شئ ما هو تماماً...عديم الجدوي.
الفن الروائي، مع ذلك، يوجد في عالم مختلف بشكل ما عن الفنون الأخري. الوسيط هي اللغة، و اللغة هي شئ نتشاركه مع الآخرين. من اللحظة التي نتعلم فيها الحديث، نبدأ في الشعور بالجوع للقصص. هؤلاء منا من يستطيعون تذكر طفولتنا سوف يستدعون كيف كنا نغبط لحظات الأستماع لقصة الفراش قبل النوم، حيث تجلس أمنا أو أبونا بجوارنا في الظلام النسبي ليقرأ من كتاب الحكايات. (...)
نكبر، و لكننا لا نتغير. نصبح أكثر تعقيداً، و لكن في أعماقنا نستمر في مشابهة نفسنا و نحن صغاراً، متشوقين للسماع للقصة التالية و التالية. لسنوات، في كل بلد من العالم الغربي، نشر المقال تلو المقال يرثي حقيقة أن عدد الناس الذي يقرأون الكتب يستمر في التناقص، أننا قد دخلنا ما سماه البعض بـ"عصر ما بعد الأدب". قد يكون ذلك صحيحاً، و لكن في نفس الوقت، هذا لم ينتقص من الرغبة و الأحتياج العالمي للقصص.
ليست الروايات هي المصدر الوحيد في النهاية. الأفلام و التليفزيون و حتي كتب الكوميكس تنتج كماً كبيراً و متنوعاً من الحكايات الروائية و يستمر الجمهور في تناولها بشغف عظيم. هذا لأن البشرية تحتاج إلي القصص. تحتاجها تقريباً بنفس الطريقة التي تحتاج بها إلي الطعام. هذا و بالرغم من أن القصص تيدو أحياناً مُقدمة - سواء مطبوعة علي ورق أو علي شاشة التليفزيون - إلا أنه من المستحيل تخيل الحياة بدونها.
و لا أزال، حين نأتي إلي حاضر الرواية، و لمستقبلها، أشعر بالتفاؤل. الأرقام لا تعني بأهمية الكتب، فهناك دائماً قارئ واحد، لكل مرة و في كل مرة هناك دائماً قارئ واحد. و هو ما يشرح قوة الرواية و لماذا، في رأيي، لن تندثر كشكل. 
كل رواية هي تعاون متساوي مشترك بين الكاتب و القارئ و هي المكان الوحيد في العالم الذي يمكن لغريبين فيه أن يلتقيا تحت شروط من الحميمية المُطلقة.
لقد أمضيت حياتي في محادثات مع أناس لم أراهم قط، مع أناس لن أعرفهم أبداً و اتمني أن أستمر حتي اليوم الذي أتوقف فيه عن التنفس.
إنها الوظيفة الوحيدة التي أردتها.
بول أوستر
مجتزء من نص الخطاب الذي ألقاه بول أوستر عند تسلمه جائزة Prince of Asturias، الجائزة الأرفع في الأدب في أسبانيا، عام 2006.

ترجمة : أحمد مجدي.
للنص الأصلي اضغط هنا.